ToGoTea

الأرشيف

إلى زوجتي الغالية
Florence, Jan 2013

 

لا حاجة للحديث عن جر الحقائب خلفنا على قطع القرميد المرصوفة بعناية عامل مجتهد لتصنع الطرق والممرات حول محطة القطار باتجاه الفندق الذي لا نعرف طريقه، فمن المنطقي أن تجر الحقيبة خلفك حيث لا أجمل من المشي كوسيلة انتقال في المدينة التي مشينا بها ويتبعنا صوت دحرجة عجلات بلاستيكية فوق قرميد ويرتد صداه من على سطوح واجهات الأبنية العتيقة حولنا ويضيع في زحمة أصوات العابرين وأنت تسألهم عن اتجاه الفندق.. وإن اضطررتُ على الحديث عن جر الحقائب خلفنا ونحن نمشي، فلن يتم ذلك في سياق سلبي أبداً بل أشبه بحالة تمهيد تساعد على تبرير سعادةٍ كسعادتنا ونحن نجد الفندق الذي يعود عمر بنائه إلى القرن السادس عشر، ونستلم مفتاح الحجرة ونرمي بالحقائب في خزانتها وتعب الطريق في حوض استحمامها، ومن ثم نخرج مرة أخرى للشارع ونتيه في زحمة أليفةٍ تبعث على التأمل المفرط والجلوس على مقعد مقهى لتتنفس هواء نهرٍ في الجوار وارتشاف اسبريسو منصتان إلى موسيقى لغة تتموج في الهواء بعبثِ الحديث الجماعي الذي يمارسه غرباء وأصدقاء طليان على طاولات مجاورة والساقي خلف منصَّتِه والنادلين العابرين من بين خيوط لغتهم يرتبون ارتدادها بين الطاولات مع رواد مقهاهم وأنا أتحسس بيديّ المقعد أسفلي وأفكر في: كيف تمكن من إقناعي باختلافه عن تلك التي قضيت يومي أتنقل من على أحدها إلى الآخر حتى وصلت أخيراً إليه رغم أنه مجرد مقعد خشبي في مقهىً اعتيادي يقدم مشروباتٍ معتادة على طريق قرميدي قرب نهرٍ بمدينة قديمة كفلورنسا أو فرينزيه كما يسمونها هنا؟ ثم أقول فرينزيه، وأثق أني أعرف تماماً ما تعنيه هذه الكلمة رغم جهلي لغة أهلها عدا التحايا مثل الـ”بوناسيرا” التي أطلقها النادل بمجرد جلوسنا.

View of Florence, Italy

 

Be Sociable, Share!

2 تعليق على باب ما جاء في الحديث عن المدن بنفسٍ واحدٍ وطويل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *