ToGoTea

الأرشيف

هذا الليل يشعرُ بالوحدة.

ينتظر يدكِ لتمسك بيده، وتسيرُ معه على شاطئ البحيرة. هذا الليل يعطي العابرين ظهره، لا أرى سوى كتفيه تهتزان. هذا الليل يبكي، وأنتِ منشغلةٌ بلوحاتك وألوانك.
ولكنكِ لا تعنيني كثيرًا يا كورين!. أنتِ لست لـ الليل حقيقةً، وأنتِ لا تُهمّين الليل. وأنا. أنا أوجه جلّ الذاكرة والحكي والشوق، لها، أمي.

أمي، تقفين على شاطئ الذاكرة كلّ يومٍ يا أمي، تلوحين لكلّ المراكب القادمة والراحلة، تسألينهم عنيّ، وأنا على الضفة الأخرى أراكِ. ألوّح لكِ، ولا ترين!. أشتاقكِ كما تفعلين، وأشاهدكِ في عيونِ الأمهات مع أطفالهنّ في القطارات وفي قسم الخضروات في البقالات الكبيرة. أراكِ في نومي وفي سقف الحجرة. ألمحكِ تمشين في صالة البيت، تبخرين البيت برائحة الذكريات الحميمة. بذاكرة الصباح، صباح الجمعة، ويوم العيد المجيد. أراك توقدين “الميفة” في بيت خالتي. وتقفين وبيدكِ عود من شجرة لوز تحركين به الفحم المشتعل، كذاكرتي الآن، وكشوقي يتقلب في سماء هذا الليل.. الليل الذي يشعر بالوحدة.

كل الأشياء تذكرني بك. أنتِ الأشياء حولي. أنتِ الكرسي يحتضنني ويرجّح بي كـ”هندول”! أنتِ النافذة وما وراء النافذة، أنتِ القادم من شاشة الكمبيوتر، تتشكلين ككلمات وأتشكلُ كطفلٍ يتلعثم في كلّ الكلام. ثم أتذكركِ. تذاكرين لي دروسي، تدّعينَ متابعتك القرائية بما تسمعين مني، أتذكركِ تصححين لي أخطائي وأنا أتلو سورة البينة، أرتل بأخطائي ليل الواجبات السهلة. كنتِ تمسكين بالمصحف بين يديك، تنظرين إلى السطور، وتقنعيني أنكِ تجيدين القراءة، وعندما وصلتُ إلى الصف السادس ابتدائي، التحقتِ أنتِ بمدرسة محو الأمية!

أسأل الليل أين أنت؟
ولا رد يأتي سوى صوت الانتظار، والقطار.. القطار من بُعدٍ.. يتلو صوت الصافرة.

Be Sociable, Share!

19 تعليق على الحبق الحافي. (13)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *